مساء الفقر يا وطني…
مساء القرى اليابسة ،والغابات المحترقة، والوجوه العابسة، والسوريين الذين تقطّعت بهم سبل العيش الكريم فوق ترابهم الوطني.
مساء أولئك الذين جبلو في عرقهم في بناء الوطن، واولئك المتقاعدين بعد سنوات خدمتهم الطويلة ولم يكفهم راتبهم لسد نفقات الدواء ناهيك عن الغذاء واللباس،
مساء المهندسين والاطباء الذين يعملون بوفاء وشرف وصدق وكل طيبة خاطر ويتقاضون رواتب مخزية للغاية.
مساء المشّاهدين لشّاشات التلفزة ضاحكين لشر البلية، حيث يتهيّأ لهم رفع الضرائب بعد رفع الأسعار ، وبعد الضرائب زيادة الرسوم، ماضين في طريق هندسة الإفقار رغما عن أنوف من حملوا هم الوطن وأدُّوا ضريبة عزَّته .
مساء الأحزاب واللحى وكهنة المعابد والمتنفذين والمقرّبين الحاليين منهم والسّابقين واللّاحقين.
مساء سكرتيراتهم الفاتنات المتعاليات ذوات التنانير القصيرة و المقدمات المكشوفة ، والكراسي العالية، والأبواب المغلقة.
مساء المهمّشين، وسكان الأحياء المنسية،
مساء من نَصَبوا الخيام على ضفاف جرحهم الوطني أولئك الذين منهم من يستدين ثمن الخبز، ويتدفّأ بأنفاسه الوطنية، ويأكل الهواء في وطن قضمه الفاسدين،وصادروه من أهله الطيّبين.
مساء فواتير الكهرباء والدّواء، والبنزين بعد الرفع ، والمياه المكلورة وغير المكلورة، والضرائب والغلاء الذي داهم جيوب الفقراء ..، مساء حفّاضات الأطفال، وحليبهم، و…. وبيض الدجاج.
مساء الضّيق والهمّ والحزن والحاجة، مساء المساكين على قارعة الوطن، مساء شعب فَرَّقَهُ الغزاةُ ولم يُدرك أنَّهم متحدون …
مساء الرّواتب المتدنية و العاطلون عن العمل منذ سنوات، ويتكدّس في داخلهم الألم، وفقدان الأمل، ويغدو الوطن صورة سوداء لأحلام أبنائه الموؤودة.
مساء الأساتذة الحالمين بالعيش بكرامة في وطن يُخذلون فيه يوميا
مساء التلاميذ التّائهين الضّائعين، شباب سورية المتروك للأقدار وذئاب الشّوارع وتماسيح الإعلام …
مساء الخذلان يا وطني، مساء شعب لم يدرك أن قوته في وحدته وأن مستعمريه يريدون وطنه بلا شعب …
مساء معتّق برائحة الخديعة، والضّحك على ذقون السوريين الذين ينتظرون أملاً ضاع مذ تفرّقوا ..
مساء المصالحة والوحدة الوطنية،
مساء السياسيين الفاسدين وخطاباتهم الكاذبة ، مساء الكهنة وعظاتهم والعقود والفساد.
مساء مفعم بضيق ذات اليد، وانكسار أحلام الفقراء والجيوب الفارغة حتى من مصاريف الأطفال الضرورية.
مساء يعكس الانكسار في عيوننا…
مساء الشكوى والاحتقان والسّخط..
مساء مرّ بطعم البنزين، والغاز والكهرباء والمازوت ، والألم على الوجوه السّمر الطيّبة.
ف. آآآآه يا وطني…
قد صحا الشّعب فيك على المصيبة الفادحة، وأطلّ على أيّام سود غائرة في الإذلال…
ففي وطني القرى تمتلئ بالفقراء،
وأطفال صغار لا يعرفون طريق مستقبلهم، وسياسيون لئام ابتلعوا كلّ شيء، ومنزل أحدهم الفاخر بثمن بيوت قرية من قرانا المُهْمَلة .
في وطني بؤس يصفع وجوه الملايين، وقهر استوطن صدورهم .
لطالما افتخرت بحبّ التراب، ووجوه غائرة في الحظّ التّعيس، والسوري يبحث عن حلمه، ولا يجد إلّا السّراب، وشعب طيّب فَرَش القلبَ والدّربَ لأولئك الذين حرموه حقّ العيش الكريم، والسوريين يضربون كفّا بكفّ، ويندبون خساراتهم التي لا تعدّ، ويغمضون على الجرح، ويتحسّرون على سنوات الخداع، وإضاعة الحلم الوطني.
صرعى الفساد يستدينون ثمن الخبز، وبيوت كالحة وَجْبَة غذائها الرئيسية الخبز والماء، وطلّاب جامعات لا يعلمون كيف يكملون مشوار دراستهم. وعاطلون عن العمل مسكونون بحلم وظيفة بأيّ راتب، والآلاف من الشباب يُلْقُون بأجسادهم عرض البحر علّ الأمواج تقذفهم إلى الضفّة المقابلة…
فسلام على جرحك يا وطني…
سلام على الجيوب الفارغة والبطون الخاوية…
سلام على وطن أعلنّاه جيبا كبيرا للفقر والفقراء.
لقد اتسع الجرح يا وطني، وبكى النَّايُ على أنين المواجع، وفاضت روح الأرض من ثنايا قلبك الحارّ، وقد ضيّع الفقراء أعمارهم في التّصفيق وحملوا من يأسهم ما فاق احتمال اليأس .
فلله درّك يا وطني كيف جعلتهم يأكلون حقّ الفقير في بلد كلّه فقراء، وتمتدّ أياديهم ‘النجسة’ إلى بطون الجياع، ويصادرون التّعب المالح من جباه تغرق في العرق، وأيد يابسة، فلا يسلم الفقير من الأذى، ورياح الحكومات الغادرة تهبّ على صفو حياته فلا يهدأ طرفة عين.
ويتذاكى ‘الهمّل’ الذين لم يَسْقُوا سورية قطرة دم على عيش أصحاب الأيادي الطيّبة التي زرعت الخير في روح هذه البلاد، ويظنّون أنّهم يذلّون الأعزّة الأبرار ممّن سلفوا في صفحة مجدك يا وطني…
أبكيك يا وطني …
من سرق الطّهر من سجادة صلاتك، من غيّر اللّهجة والكلمات العربية، من ملأ قلبك بكلّ هذا السّواد، من كرّهك فينا، ويريد أن يكرّهنا فيك، وبرغمهم ما غَادَرْناك وما غَدَرْناك ؟؟؟؟. وسنظل نعشق ترابك يا وطني.
من غيّرك يا وطني فتنكّرت لبنيك، وكيف داسوا آثارنا فوق قلبك الطّاهر؟؟،
وهذه الأرض، المزروعة في الأرواح من اقتلعها والنّاس نيام؟؟؟.
قد اتَّسَع الجرح يا وطني، وغدا العيش حُلْوه حنظل، وجُرْتَ، وظَلَمْت، وتحوّل الكرام فيك إلى جِياع..
مُرَّة هي الحُلوق السورية هذا المساء، والوجوه السّمر بات يغشاها الحزن العميق، وسِيقَت للحُتُوف الأماني، ويَدٌ تبطش بكلّ خير، وتمتدّ من خلف الظهور .
مسا الأمل يا وطن الأمل…
أسعد الله مساؤكم بكل خير
بكل محبة وتقدير
تجمع سورية الام 🌹🌿
1/11/2020 الاحد